الاثنين، 22 يونيو 2015

عندما يقبل الليل و يدبر النهار

عندما يقبل الليل و يدبر النهار

عندما يقبل الليل ،  و يدبر النهار ...
لكل منا حال و للأخيار حال
قال تعالى لنبيه و مصطفاه: {يأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ الْلَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً}
 فقام المزمل  صلوات ربي و سلامه عقدان من الزمان او تزيد .
قام الليل كل الليل الا قليلا  ، قام و ما نام ...
ما كلّ و لا ملّ و لا وهن و لا ضعف ...
عقدان من الزمان بتقلباتها ، بحلوها و مرها ، و خيرها و شرها ،
عقدان من الزمان بين صحة و مرض و شغل و فراغ و سلم و حرب و خوف و أمن ،
 عقدان من الزمان و المزمل يصف قدميه كلما جن الظلام ...
قام و هو ابن الاربعين و قام و هو ابن الستين .....
قام شاكرا و قام صابرا .
قام في السراء و قام في الضراء .
قام ... و ما نام أبدا منذ قام !
جاء في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة : ( يا عائشةُ إن عينَيَّ تنامانِ ولا يَنام قلبي».
و قال لخديجة رضي الله عنها ( مضى عهد النوم يا خديجة )
قام في شبابه حتى تفطرت قدماه ، و فينا من ينام حتى تتورم خداه !
و قام في مشيبه حتى إذا حطمة الناس صلى جالسا فعَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ ، : هَلْ كَانَ النَّبِيُّ يُصَلِّي وَهُوَ قَاعِدٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. بَعْدَمَا حَطَمَهُ النَّاسُ.
و قالت «ما رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يَقرأُ في شيءٍ من صلاةِ الليلِ جالساً، حتى إذا كبِرَ قَرأ جالساً، فإذا بقيَ عليهِ من السورة ثلاثونَ أو أربعونَ آيةً قام فقرأَهنَّ، ثم ركَعَ».

أما واللـه لو عرف الأنام
               لما خُلقوا لما غفلوا وناموا
لقد خُلقوا لِما لو أبصرته
               عيون قلوبهم ساحوا وهاموا
ممات ثم قبر ثم حشر
                     وتوبيخ وأهوال عِظامُ
ونحن إذا أمرنا أو نهينا
                   كأهل الكهف أيقاظ نيامُ
لقد كان قيام الليل دورة تربوية مكثفة للصقل النفس و تربيتها على الجدية و الالتزام من جانب و على الطهارة و النقاء من الجانب الاخر.
و عندما سئل رسول الله صلى الله  عليه و سلم عن أَفْضَلُ الصَّلاَةِ، بَعْدَ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ، قال : الصَّلاَةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ ».
فعندما تشتد وطأة الشهوات و تعصف رياح الشبهات فالتحليق بأجنحة القيام هي الكاشفة .
ان صلاة القيام الخاشعة النقية توقد في جوانحنا قناديل الايمان و المعرفة فنبصر خبايا نفوسنا و أسقام قلوبنا لنتعهدها بالتزكية و التنقية فلا يقبل الله سبحانه و تعالى في ملكوته قلبا سقيما قال تعالى ( و لا تخزني يوم يبعثون * يوم لا ينفع مال و لا بنون * الا من اتى الله بقلب سليم ) . 
فعندما يهبط الليل من جديد و تلفك اجنة الظلام الممتدة على امتداد الأفق و يهجع الكون و تسكن الحركات ، أوقد مصابيح قلبك و صف قدميك هناك حيث الشفق و الليل و ما وسق و القمر اذا اتسق
صف قدميك هناك مع ( الليل اذا يغشى ) و انتظر ( النهار اذا تجلى) .

ـ هاشم ابراهيم العريمي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق