( أنا و أبو ريشة و الثورة السورية )
يعتبر الشاعر عمر
أبو ريشة من كبار شعراء و أدباء العصر
الحديث وله مكانة مرموقة في ديوان الشعر العربي وهو الإنسان الشاعر الأديب الدبلوماسي الذي حمل
في عقله وقلبة الحب والعاطفة للوطن وللإنسان وللتاريخ السوري والعربي وعبر في
اعمالة وشعره بأرقي وأبدع الصور والكلمات والمعاني.
مولده
وحياته:
ولد الشاعر الكبير عمر ابو ريشة في منبج بلدة أبي فراس الحمداني في سوريا عام 1910م ، و تلقى تعليمه الابتدائي في حلب ، وأتم دراسته الثانوية في الجامعة الأمريكية ببيروت ،ثم أرسله والده إلى انجلتــرا عام (1930م)، ليدرس الكيمياء الصناعية ، و بعد ثمانين حولا قضاها الشاعر عمر أبو ريشة في حياة حافلة بالعمل و السفر و الأدب توفي في الرياض يوم السبت الثاني والعشرين من ذي الحجة عام 1410هـ، الموافق 14/6/1990م وتم نقل جثمانه إلى بلده سوريا ودفن في مدينة حلب .(1)
لقد مد الباري سبحانه في عمر الشاعر حتى ناهز الثمانين عاما متنقلا بين البلاد و العباد يرى و يسمع و يكتب و هذا بلا شك اثر في التكوين النفسي للشاعر مما جعله يتجاوب و يتفاعل مع محيطه العربي و الإسلامي بشكل كبير فثار على بعض الأوضاع السياسية في بلادة بعد الاستقلال وآمن بوحدة الوطن العربي وانفعل بأحداث الأمة العربية بشدة ، لقد كانت مشاعره الجموحة و كلماته المتأججة تثير لواعج الأنفس و تسثير معاني الكرامة و الحرية و الأنفة في الأنفس السوية .
ولد الشاعر الكبير عمر ابو ريشة في منبج بلدة أبي فراس الحمداني في سوريا عام 1910م ، و تلقى تعليمه الابتدائي في حلب ، وأتم دراسته الثانوية في الجامعة الأمريكية ببيروت ،ثم أرسله والده إلى انجلتــرا عام (1930م)، ليدرس الكيمياء الصناعية ، و بعد ثمانين حولا قضاها الشاعر عمر أبو ريشة في حياة حافلة بالعمل و السفر و الأدب توفي في الرياض يوم السبت الثاني والعشرين من ذي الحجة عام 1410هـ، الموافق 14/6/1990م وتم نقل جثمانه إلى بلده سوريا ودفن في مدينة حلب .(1)
لقد مد الباري سبحانه في عمر الشاعر حتى ناهز الثمانين عاما متنقلا بين البلاد و العباد يرى و يسمع و يكتب و هذا بلا شك اثر في التكوين النفسي للشاعر مما جعله يتجاوب و يتفاعل مع محيطه العربي و الإسلامي بشكل كبير فثار على بعض الأوضاع السياسية في بلادة بعد الاستقلال وآمن بوحدة الوطن العربي وانفعل بأحداث الأمة العربية بشدة ، لقد كانت مشاعره الجموحة و كلماته المتأججة تثير لواعج الأنفس و تسثير معاني الكرامة و الحرية و الأنفة في الأنفس السوية .
ـ قصتي مع
الشاعر :
و كأني
أراه اليوم يطل علينا من قبره في حلب ، يطل علينا بوجه تعلوه ملامح الحزن و الكآبة
، و قلب تمزقه معاني القهر و الاستبداد ، لم يتوقع ان يرى ما يحدث ، لقد بكى كثيرا
على الدماء المسكوبة و الأشلاء الممزقة و الأعراض المنتهكة ، طلبت منه أن يتكلم عن
هذه الأحداث المؤلمة فقال بصوت أجش :
أتكلم ما
ذا أتكلم ؟
أقلامي جف عليها الدم
ولهاتي سالت في المأتم
أتكلم ؟ هل أحمل في صدري أسرار
أخشى أن تفشى أو تكتم
إني لا احمل غير العار
في الدرب الموحش والمبهم
إني غنيت إلى الآلام فكيف عليها أتألم
أتكلم ، أعرفني شبحا لا ظل له فوق الأرض
في الهدأة من غصص الذكرى
يتساءل بعضي عن بعض
فأغض واختصر الآلام وأمسك بالريح وأمضي
ـ ... و قبل ان يمضي أمسكته من أكفانه و أنا أقول رويدا أيها الشاعر إذا لم تتكلم أنت و أمثالك فمن يتكلم إن ريشتك العصماء لم تزل تقطر بالمداد الذي ينير دروب الحرية ؟ لقد كنت سفيرا لهذا البلد العظيم يوما من الأيام ، نظر إلي و مشاعر الحزن لا تزال تعلوه ثم قال : سأبوح لك بوصيتي التي استودعتها زوجتي عندما قمت بإجراء عملية جراحية لقلبي المثخن بحب الوطن علها تؤنس بعض المنكوبين في حمص أو درعا أو القامشلي ، لقد ظننت و أنا أكتب هذه الوصية أنها نهايتي و لكنها كانت أشبه ما يكون بالبداية... سكت قليلا ثم تنهد ... ثم قال :
أقلامي جف عليها الدم
ولهاتي سالت في المأتم
أتكلم ؟ هل أحمل في صدري أسرار
أخشى أن تفشى أو تكتم
إني لا احمل غير العار
في الدرب الموحش والمبهم
إني غنيت إلى الآلام فكيف عليها أتألم
أتكلم ، أعرفني شبحا لا ظل له فوق الأرض
في الهدأة من غصص الذكرى
يتساءل بعضي عن بعض
فأغض واختصر الآلام وأمسك بالريح وأمضي
ـ ... و قبل ان يمضي أمسكته من أكفانه و أنا أقول رويدا أيها الشاعر إذا لم تتكلم أنت و أمثالك فمن يتكلم إن ريشتك العصماء لم تزل تقطر بالمداد الذي ينير دروب الحرية ؟ لقد كنت سفيرا لهذا البلد العظيم يوما من الأيام ، نظر إلي و مشاعر الحزن لا تزال تعلوه ثم قال : سأبوح لك بوصيتي التي استودعتها زوجتي عندما قمت بإجراء عملية جراحية لقلبي المثخن بحب الوطن علها تؤنس بعض المنكوبين في حمص أو درعا أو القامشلي ، لقد ظننت و أنا أكتب هذه الوصية أنها نهايتي و لكنها كانت أشبه ما يكون بالبداية... سكت قليلا ثم تنهد ... ثم قال :
رفـيقتي لا تـخبري إخوتي..
كيف الردى كيف علي اعتدى
إن يـسألوا عني وقد راعهم.. أن أبـصروا هيكلي الموصدا
لا تـقلقي لا تـطرقي خشعة.. لا تـسمحي للحزن أن يولدا
قـولي لـهم سافر قولي لهم.. إن لـه فـي كـوكب موعدا
إن يـسألوا عني وقد راعهم.. أن أبـصروا هيكلي الموصدا
لا تـقلقي لا تـطرقي خشعة.. لا تـسمحي للحزن أن يولدا
قـولي لـهم سافر قولي لهم.. إن لـه فـي كـوكب موعدا
ترقرقت
عيني بالدموع و سالت دمعة نحيلة على خدي ... لم يلمحها فقلت له : أيها الشاعر ان
ما يجري في سوريا من أحداث لا تستوعبه العقول ، انه إجرام تعف عن شؤمه الوحوش
الضارية ؟ لماذا هذا الإمعان في القتل ؟ لأي
هدف يعيش هؤولاء الأشقياء ؟ أيها الشاعر لقد عايشت هؤولا و خبرتهم فأسألك بالله لأي
هدف يقتلون ؟ و لأجل ماذا يحيا هؤولاء الأشقياء ؟ و هل الرئيس على علم بما يحدث ؟
كانت أسئلتي
سخيفة بعض الشيء بالنسبة إليه و لكنه رد عليها بقوله :
تتساءلون علام يحيا هؤلاء الأشقياء ؟
المتعبون ودربهم قفر ومرماهم هباء
الواجمون الذاهلون أمام نعش الكبرياء
أنستهم الأيام ما ضحك الحياة وما البكاء
أزرت بدنياهم ولم تترك لهم فيها رجاء
تتساءلون وكيف اعلم ما يرون على
البقاء ؟
امضي لشأنك، اسكتوا، هو
واحد من هؤلاء (2)
استفزني
الشطر الأخير و كأن الشأن السوري ليس شأني ، و كأن الدم المسكوب هناك لم ينزف من
عروقي ، و كأنه يردد ما تقوله أبواق النظام عن الشأن الداخلي ، فأجبته في حنق:
أنا الحجاز أنا نجد
أنا يمن أنا الجنوب بها دمعي
وأشجاني
بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا بالرقمتين وبالفسطاط جيراني (3)
بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا بالرقمتين وبالفسطاط جيراني (3)
تبسم بغير
اكتراث ثم قال لقد أسأت فهمي أيها الرجل و لعلك لم تعرفني جيدا ...؟
قلت له: ربما ... و لكن أيها الدبلوماسي الشاعر
لقد اتهمت أسدا بأنه من هؤولاء ألا تخشى أن يعدو عليك و يخرجك من قبرك ... ؟!
ارتفعت
ضحكات الدبلوماسي الشاعر ثم قال لا يلام الأسد على كل ما يفعل فهو ملك الغابة و أنتم
من جعله كذلك !
قلت منفعلا
و قد ضقت ذرعا ببعض ضحكاته و ردوده المستفزه : و هل اللوم يسقط كذلك عن الذئاب
التي كلفها الأسد بحفظ الأمن و حراسة الوطن !؟
سكت قليلا ... ثم تبسم تبسم المغضب و جال بنظره في أرجاء المكان ، ثم
ارتسمت على وجهه ملامح أخر ، و صوب إلي نظرات حادة كأنها بركان يتفجر ، شعرت بشيء
من السخونة يجتاح المكان ربما كانت سخونة أنفاسه أو حرارة نظراته ، ثم انهمرت من شفتيه
أمواجا هادرة من الكلمات ... هي من أعذب ما سمعت من الشعر ، كلمات تحمل لوعة المحب
و حرص الواعظ و حكمة المجرب و حماسه المجاهد ، درر من الحكمة ألقاها الشاعر من قلب
حلب الجريح إلى الأمة ... فقال :
أمتي هل لك بين
الأمم ............. منبر للسيف أو للقلم ِ!
أتلَقّاك وطرفي مطرق................خجلاً من أمسك المنصرم ِ
أمتي كم غصة دامية ........... خنقت نجوى علاك في فمي!
ألإسرائيل تعلو راية ............. في حمى المهد وظل الحرمِ !!
كيف أغضيتِ على الذل ولم.......تنفضي عنك غبار التهم !
أو ما كنت إذا البغي اعتدى...........موجةً من لهب أو دمِ !
اسمعي نوح الحزانى واطربي.......وانظري دم اليتامى وابسمي
ودعي القادة في أهوائها...............تتفانى في خسيس المغنمِ
رُبَّ وامعتصماه انطلقتْ............. ملء أفواه الصبايا اليتّمِ
لامستْ أسماعهم لكنها............... لم تلامس نخوة المعتصمِ
أمتي كم صنم مجدته................ لم يكن يحمل طهر الصنمِ
لا يُلام الذئبُ في عدوانه........... إن يكُ الراعي عدوَّ الغنم ِ
فاحبسي الشكوى فلولاك لما......كان في الحكم عبيد الدرهمِ
أتلَقّاك وطرفي مطرق................خجلاً من أمسك المنصرم ِ
أمتي كم غصة دامية ........... خنقت نجوى علاك في فمي!
ألإسرائيل تعلو راية ............. في حمى المهد وظل الحرمِ !!
كيف أغضيتِ على الذل ولم.......تنفضي عنك غبار التهم !
أو ما كنت إذا البغي اعتدى...........موجةً من لهب أو دمِ !
اسمعي نوح الحزانى واطربي.......وانظري دم اليتامى وابسمي
ودعي القادة في أهوائها...............تتفانى في خسيس المغنمِ
رُبَّ وامعتصماه انطلقتْ............. ملء أفواه الصبايا اليتّمِ
لامستْ أسماعهم لكنها............... لم تلامس نخوة المعتصمِ
أمتي كم صنم مجدته................ لم يكن يحمل طهر الصنمِ
لا يُلام الذئبُ في عدوانه........... إن يكُ الراعي عدوَّ الغنم ِ
فاحبسي الشكوى فلولاك لما......كان في الحكم عبيد الدرهمِ
لقد قالها بصوت واضح لا لبس
فيه :
فاحبسي الشكوى فلولاك
لما كان في الحكم عبيد الدرهم
تصاعدت الأنفاس في صدري و
تغشتني سحابة من الحزن و الكآبة ثم قلت هل تعني أننا السبب ؟ فلم يجب .... ثم كررت
السؤال بصوت حزين بائس هل تعتقد أننا السبب ؟ و انتظرت الرد... و لكنه لم يكن معي
في حينها ، لقد غادر إلى حيث كان ... و لكن ظلت كلماته ترن في أذني و أنا أشاهد و أشهد
على ما يجري حولي من أحداث فقلت بجرأة شديدة و لكن بصوت خافت لا يسمع ... الشعب
يريد إسقاط الطغاه ... ثم سكت و تلفت من حولي فلم أر أحدا ... ثم ضحكت على نفسي من أعماق نفسي و قلت... يا
الله ما لنا غيرك يا الله ... .*
هاشم ابراهيم العريمي
ــــــــــــــــ
1ـ بالاستفادة من وكيبيديا .
2ـ تم التصرف في الكلمات التي عليها خط لتناسب الموضوع .
3ـ من قصيدة للشاعر الشيخ عائض القرني .
* المقال عبارة عن حوار خيالي افتراضي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق