الثلاثاء، 31 مارس 2015

(الدولة المبدعة / سويسرا انموذجا )

                                    (الدولة المبدعة )

توجهات الدولة تؤثر في اهتمامات الأفراد :
روى أصحاب التاريخ في كتبهم قالوا:
كان الناس إذا أصبحوا في زمن الحجاج يتساءلون إذا التقوا : من قتل البارحة و من صلب و من جلد و من قطع و ما أشبه ذلك .
فلما جاء زمن الوليد بن هشام و كان صاحب ضياع و يحب اتخاذ مصانع ـ أي المباني العظيمة ـ فكان الناس يتساءلون في زمانه عن البنيان و المصانع و الضياع و شق الأنهار و غرس الأشجار .
و لما ولي سليمان بن عبدالملك و كان صاحب طعام و نكاح :كان الناس يتحدثون و يتساءلون في الأطعمة الرفيعة و يتغالون في حفلات الزواج و اتخاذ السراري و يعمرون مجالسهم بذكر ذلك .
و لما ولي عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه كان الناس يتساءلون : كم تحفظ من القرآن و كم وردك كل ليلة و كم يحفظ فلان و في كم يختم و كم يصوم من الشهر و نحو ذلك .!
إن جميع هذه المشاهدات عبارة عن استجابات لا شعورية من السواد الأعظم المفطور على تقليد المسموع و المنظور و إتباع القيادة السياسية و التناغم مع اهتماماتها و توجهاتها و قطعا هذه الحالة لم تكن مضطردة و إنما على سبيل الغالب.
ما الذي يعنيه هذا الكلام ؟                                         
هذا الكلام يعني ضرورة الانتباه إلى اثر القيادة السياسية في الدولة و توجهاتها على المجتمع و على الحياة العامة فكلما كان توجه القيادة ايجابي كما في النمط الثاني و الرابع كانت أصداء هذا التوجه و تردداته ايجابية و فعالة .
ـ الإبداع السويسري وقفه تستحق التأمل :

قبل اربعة قرون و بعد معارك ضارية انتصر فيها السويسريون على جيوش النمسا عاونوا البابا في ايطاليا ضد ملك فرنسا الغازي لها و انتصروا عام 1513م في معركة ميلانو و لكن ملك فرنسا عاود الهجوم عام 1515م و احتل ميلانو و هزمهم فقرر السويسريون انتهاج سياسة الحياد و ارتضوها لأنفسهم و منذ ذلك اليوم قلصوا حجم جيشهم و التزموا الحياد كسياسة دائمة .
لكن الزمن كان زمن النهضة العملية و الثورة الصناعية و قادت بريطانيا هذه الثورة و لحقت بها فرنسا و المانيا ثم ايطاليا و كثر الانتاج بسبب استعمال الآلة فكان لا بد من ايجاد اسواق كبيرة لتصريف هذا الانتاج الضخم و جمع اموال الشعوب و لتوفير مصدر مجاني لا ينضب من المواد الاولية فكان الاستعمار و الصراع بين الدول الكبرى على احتلال افريقيا و آسيا من أجل ذلك.
هنا وجد السويسريون أنفسهم في مأزق انهم بحكم الحياد لا يستطيعون انتهاج سياسة استعمارية تضمن موارد الخامات و التسويق الواسع و لذلك فانهم ان انتجوا نفس منتجات الدول الكبرى فان عامل المنافسة لا يكون في صالحهم و سيغلبون و يتحطم اقتصادهم بعد حين .
ثم تأملوا فوجدوا انهم في مأازق آخر  ان دولتهم لا تطل على بحر بل هي مغلقة و تحيط بها جبال عالية و ذلك يعني انتفاء إمكانية الشحن البحري الرخيص و ان انتاج الأشياء الثقيلة سيضاعف عليهم أجور النقل فتنتفي مرة ثانية إمكانية المنافسة في الأسعار فوق ما في النقل البري من تعقيد سياسي و ان بإمكان الدول المجاورة حصار سويسرا اذا كان ذلك ضروريا لحماية إقتصاد الدول الاستعمارية ، اذا ما العمل ؟
هنا كان الإبداع و القفز على المصاعب و استثمار قاعدة ( رب ضارة نافعة ) ، و عبر مؤتمرات ربما ، أو عبر مجالس تخطيط توصل السويسريون الى حل ذي شعبتين و اضافت له الأيام ثالثا .
رأوا أولا ان الدول الاستعمارية تنتج الانتاج الثقيل و الانتاج الاستهلاكي الواسع فاختاروا الصناعات الخفيفة و الانتاج للخاصة مما يخف حمله و يغلوا ثمنه و تحتاجه حتى الدول الاستعمارية نفسها و هكذا ازدهرت صناعة الساعات بشكل خاص و العدسات و النظارات و اطاراتها و جلي الاحجار الثمينة و صياغتها في حلي و تصفية الذهب و ضمانة من الغش و الاقلام و المنسوجات الراقية المستوى و امثال ذلك و تخصصوا في هذه المجالات .
ثم راوا ثانيا ان حالة الحياد تعني الاستقرار و الأمن الدائم و هذا شرط مهم لحركة المال فابتكروا التوسع في إنشاء البنوك و منحوا العملاء ضمان السرية التامة لما يودعون فاجتمعت عندهم أموال الأثرياء من أوربا و كل العالم و أموال الحكام السارقين للأموال العامة و أموال المافيا فتوسعوا في الاتمان المصرفي و اقراض معامل الدول الإستعمارية و تحصيل فارق الربا اي انهم اشتغلوا بأموال غيرهم حتى صارت سويسرا من أغنى الاغنياء.
ثم مع الأيام وجد السويسريون أنفسهم أنهم لا يخصصون ثلث أو نصف ميزانياتهم لتكوين جيش أو شراء أسلحة بل كان المال المخصص لذلك يذهب لبناء البلد و تحسين البنية الأساسية و تحقيق الرفاهية للشعب و كان المزيد من السواعد تعمل في ذلك بدل حمل البندقية ، و قد واكب الازدهار السويسري تقدم في وسائل المواصلات فصارت سويسرا مكان السياحة الأول في العالم و اشترى الأثرياء فيها قصورا بسبب أمنها و صارت مكانا للمؤتمرات و المفاوضات و مراكز المنظمات و انفتح مصدرا ثالثا للمال لم يكن في الحسبان.(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 1ـ منهجية التربية الدعوية ، محمد احمد الراشد ص 266 ( بتصرف ).


الأحد، 29 مارس 2015

عودة السلطان و آفاق المستقبل (2)

عودة السلطان و آفاق المستقبل  (2)



( هذا المقال هو مقالي الثاني حول عودة السلطان و آفاق المستقبل و سوف أسلط الضوء على ملف الحريات العامة و المعالجات الضرورية   )

ـ ثالثا :  معالجة ملف الحريات العامة :

كل متابع للشأن العام يستطيع ملاحظة حجم التغيرات الهيكلية في منظومة الوعي لدى الانسان العربي عموما و العماني خصوصا سواء في مجال الحريات العامة و القضايا المتصلة بها أو غيرها من القضايا ، و هو ما يعني تغيرا جوهريا في الحاجات و التطلعات و بالتالي تغيرا في السلوك و الممارسات ؛ و من المطالب الملحة التي باتت تشكل تحديا  كبيرا للحكومات العربية المطالبة المستمرة بتوسيع دائرة الحريات بما يكفل حق المواطن في التعبير و التجمع و النقد ، و رغم ذلك فإن الحديث عن هذا الموضوع بات يدنينا أكثر من السياج الأمني فالحديث عن الحريات العامة لا يمكن تناوله دون التطرق للمنظومة الأمنية ، و هذا يعني اننا كلما اقتربنا من الحرية تنظيرا او ممارسة فإننا نقترب بدرجة من الدرجات من السياج الأمني ولوجا أو محاصرة ، و هو ما يتطلب من المعنين بالشأن العام الدفع لاجراء معالجات عاجلة تفك التلازم السلبي بين الحرية و الأمن ، فلا ينبغي ان نجعل من الحرية فزاعة نقايض بها أمن الشعب و استقراره فلا تلازم بينهما ، كما لا ينبغي ان يكون الخوف و الصمت صك النجاة الوحيد من المضايقات الأمنية.
 ان معالجة ملف الحريات العامة بات ضروريا في هذه المرحلة لما حدث و يحدث من متغيرات مفصلية في تاريخ الامة العربية و الاسلامية و هذا يتطلب من صانع القرار اتخاذ جملة قرارات و اجراءات تسهم في تحويل هذا الملف الى احد ركائز الاستقرار الوطني و الامن المحلي بدلا من تحوله الى قنبلة موقوته تؤذن بالانفجار ! و من جملة ما يمكن اقتراحه لمعالجة هذا الملف ما يلي :
·    توسيع دائرة الحوار و تشجيعه و ترسيخه كركيزة أساسية و مبدأ ثابت في معالجة القضايا الخلافية و وجهات النظر المتباينة .
·       رسم ملامح و فضاءات الحرية المنشودة : هناك عدة عوامل تساهم في رسم ملامح و فضاءات الحرية  المناسبة للمجتمع و من هذه العوامل الدين و الثقافة و البنية المعرفية و الجغرافيا ، فالحرية المطلقة ضرب من الخيال ، لذا فنحن في امس الحاجة الى التنظير و التأصيل لملامح للحرية المسؤولة التي ننشدها و تتناسب مع تطلعاتنا و تحفظ هويتنا كمجتمع عربي مسلم.


·     التثاقف المجتمعي : المنتديات الثقافية و مجالس القراءة أداة لا بد منها لرفع المستوى الثقافي العملي و تشجيع هذه المبادرات سيسهم بشكل ايجابي في ترسيخ مبدأ الحوار و التدرب على الاختلاف كما يمكن توظيفها للمساهمة في صياغة مفهوم الحرية المسؤولة من خلال الحوار و التثاقف المتبادل  .
·       معالجة ملف سجناء الرأي و معتقلي الكلمة : رغم حرص جلالة السلطان ـ حفظة الله ـ على ترسيخ الاستقرار و السلم الاجتماعي من خلال العفو السامي الذي أصدره فور عودته في حق ما يزيد على المئتي سجين، الا ان هذا القرار لم يتم توظيفه ـ من قبل المعنين ـ بما يدفع نحو المزيد من الاستقرار و السلم الاجتماعي ، فقد  كنا نتطلع ان يكون في طليعة من يشملهم العفو السامي معتقلي الرأي ، الا ان تطلعاتنا قد خابت عندما علمنا بأن العفو السامي شمل المدانين جنائيا بل انه بلغ المدانين في قضية خلية التجسس ـ التي تآمرت على الوطن و السلطان ـ و لكنه في الوقت ذاته ضاق ذرعا بمعتقلي الرأي من أمثال النائب البرلماني د. طالب المعمري المدان بسبب تظاهره السلمي ضد التلوث البيئي!!! .
·      تحجيم دور العصا الأمنية :
 يقول المثل الغربي : ( إذا كانت أداتك الوحيدة هي المطرقة فكل شيء أمامك سيبدو أنه مسمار) لا ينبغي ان تكون العصا الأمنية هي أداة الحكومة المفضلة في التعامل مع الناشطين فإذا كانت كذلك فسيبدو كل مختلف مخالف تجب محاسبته  و كل معترض معارض يجب تحجيمه  و كل منتقد ناقد يجب طرقه حتى يصمت .
العصا الأمنية أداة عمياء لا تميز بين التغريدة و اعادتها  (ريتويت ) فكلاهما مدان ، تحاسب على عدد الإعجابات (اللايكات ) الموضوعة في المكان الخطأ ـ حسب ظنها ـ ، و تحاسب على المواضيع التي شاركتها ، العصا الأمنية أداة عاجزة عن الاقناع  لكنها قادرة على تكميم بعض الأفواه كل الوقت او كل الافواه بعض الوقت ،و لكنها  تعجز قطعا عن تكميم كل الأفواه كل الوقت  .


·       تحرير المفاهيم و ضبطها : لا بد من تحرير بعض المفاهيم و ضبطها فكيف يمكن لتغريدة  او وقفة احتجاجية ان تمس هيبة البلد بينما لا تهتز تلك الهيبة لفضائح كبار المسؤولين التي أزكمت الأنوف ، نحن في أمس الحاجة لضبط و تحرير مفهوم هيبة الدولة و السلم العام  و نحو ذلك حتى لا تصبح هذه المفاهيم سيفا مسلطا على رقاب صغار المغردين او رداء مفصلا على مقاس الناشطين .
هاشم العريمي 

الثلاثاء، 24 مارس 2015

عودة السلطان و آفاق المستقبل (1)

عودة السلطان و آفاق المستقبل  


ـ مقدمة :  


الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات رفيع الدرجات غافر الزلات و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين الهادي الامين سيدنا و شفيعنا يوم الدين محمد ابن عبدالله و على اله و صحبه و من والاه .
ابتهج الشعب مساء الاثنين 23/3/2015 م بعودة السلطان بعد رحلة علاج دامت لأكثر من 7 شهور و هي اطول مدة يقضيها السلطان بعيدا عن أرض الوطن ، و لهذه الفرحة العارمة التي اجتاحت البلاد من أقصاها الى اقصاها دلالات يمكننا الوقوف على بعضها من خلال النقاط التالية  :
·       تعبر هذه البهجة عن مشاعر الامتنان و الشكر و العرفان للسلطان ـ حفظه الله ـ على كل ما قام به من تنمية و تحسين لأوضاع الوطن و المواطن منذ توليه السلطة عام 1970م و التي شكلت نقلة نوعية للبلد وضعتها على خارطة العالم المتحضر .
·       تجدد الأمل و تطلع العمانيون لمزيد من الاصلاحات و دفع عجلة التنمية التي تباطأت بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية في ظل الازمة الاقتصادية .
·       التخفيف من حدة القلق حول مستقبل البلد و التطلع لوضع آليات كفيلة بضمان انتقال سلمي للسلطة .
·       تجاوز حالة الفراغ التي أحدثها الغياب المفاجئ للسلطان و تبعاته على الاداء الحكومي و الامني .

ـ تحديات المستقبل  : 

احلام الامس حقائق اليوم و احلام اليوم حقائق الغد هكذا قال لنا المعلم ، فالمستقبل واقع يحدث في اطار زمني قادم يمكننا المساهمة في صناعته و رسم ملامحه في حاضرنا ، و بما ان سنة الله في خلقة الابتلاء ( ليبلوكم ايكم أحسن عملا ) ، فمن سنة الله في خلقه كذلك ان تختلف هذه الابتلاءات و التحديات بين الافراد و المجتمعات و الامم ، و لكل أمة نصيبها من  الابتلاءات و التحديات التي ينبغي عليها معالجتها و تجاوزها بأفضل الوسائل و أقل التكاليف ، فتكاليف النهضة الأوربية على سبيل المثال كانت ملايين القتلى و أضعافهم من الجرحى المعتقلين و المهجرين ، كما ان تكاليف الاصلاحات الواسعة التي شهدتها السلطنة في عام 2011 م لم تكمن باليسيرة ، لذا فأملنا و أمل كل عاقل ان تتوسع دائرة الاصلاحات و وتيرتها بأقل كلفة سواء على الصعيد السياسي او الاجتماعي أو الاقتصادي ، و سوف اشير من خلال النقاط التالية  الى ابرز التحديات و الابتلاءات ـ حسب ظني ـ التي قد تواجهها مسيرة النهضة العمانية في المرحلة الراهنة  و هي تتمثل حس ظني في خمس نقاط :
  1. الانتقال السلمي و السلس للسلطة :
  2. المحافظة على السلم و التماسك الاجتماعي :
  3. معالجة ملف الحريات العامة :
  4. التعديلات الضرورية في بنية الدولة :
  5. التنمية الاقتصادية :

ـ أولا : الانتقال السلمي للسلطة :

1ـ الصراع على السلطة :
الصراع على السلطة حقيقة و تاريخنا القديم و الحديث يؤكدان على مركزية السلطة في الكثير من الصراعات ، و في تاريخنا الاسلامي نجد ان أول مشكل داخلي وقع بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم كان حول انتقال السلطة ، كما ان انتقال السلطة في دولة البوسعيد تمت في ظروف لم تكن جميعها سلسلة بل ان انتقال السلطة الى السلطان قابوس كانت بالطريقة التي لا تخفى عليكم ، لذا فان من الضرورة بمكان اجراء التعديلات اللازمة لضمان انتقال سلمي سلس للسلطة يجنب البلاد و العباد مخاطر النزاع و الصراع و مما نقترحه في هذا الصدد الاتي :
2ـ ولاية العهد :
 ولاية العهد و توارث السلطة ليست بالطريقة المثالية في انتقال الحكم ، و لكنها قد تكون الاداة الافضل  للأنظمة الملكية التي تقوم على توارث الحكم في ظل الظروف الراهنة و بما ان النظام الاساسي في عمان يقوم على توارث الحكم وفق تراتبية معينة في الاسرة الحاكمة بينها الدستور، و في ظل الاوضاع المحلية و الاقليمية قد يكون من الاصلح حسم مسألة انتقال السلطة من خلال تحديد و تعين ولي العهد و هو ما يسهم في سد الابواب امام التحزبات و التحالفات والصراعات  بين الاجنحة المرشحة لتولي الحكم و القوى التي تساندها.
3ـ تعين رئيس للوزراء :
تركز الصلاحيات في شخص السلطان ليست بالمسألة الصحية ، فالمحافظة على رمزية السلطان و هيبته تقتضي بقاءه على مسافة واحدة بين السلطات الثلاث التنفيذية و التشريعية و القضائية ، فترأس السلطان للسلطة التنفيذية و القضائية يحول دون محاسبة السلطتين كما يحول دون تقييم ادائهما بشكل محايد و في هذه الحالة فان المحاسبة ستنحصر على أحد جناحي السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس الشورى المنتخب  .
رئاسة الوزراء تعتبر خطوة مهمة لإستثمار العقول و تجديد الدماء في المنظومة الحكومية و ضمانه جيدة للارتقاء بالأداء الحكومي و تحجيم الفساد و محاسبته و محاكمته ، بشرط ان يكون أداء رئيس الوزراء قابلا للنقد و التقييم و ان يكون شخصه قابلا للإقالة بناء على طلب من مجلس عمان و موافقة السلطان .
تعين رئيس للوزراء سيساهم في ترسيخ مبدأ فصل السلطات  كما سيساهم في ترسيخ حالة الاستقرار و التماسك الوطني في ظل الظروف الاستثنائية .
ـ ثانيا : المحافظة السلم و التماسك الاجتماعي : 
من أبرز المنغصات و الابتلاءات التي تعاني منها المجتمعات في منعطفاتها الكبرى التصدع و الشقاق الاجتماعي و هو عبارة عن حالة تنافر افراد المجتمع و انقسامهم بناء على مواقف قد تكون سياسية او دينية او اجتماعية أو جغرافية أو قبلية ؛
و من أخطر أسباب التصدع و التنافر الاجتماعي التعصب  والتطرف سواء كان دينيا او مذهبيا او سياسيا او قبليا ، و يمكننا القول بان التعصب هو عبارة عن حالة من الحماس المفرط و الولاء المطلق تجاه رأي او موقف او مدرسة فكرية او مذهب أو حزب تجعل من صاحبها في حالة غضب و تشنج مع كل ما يخالفه ، و خصومة مع كل من يخالفه في مقابل حالة انسجام و تجانس مع كل من يتوافق معه ، فالمتعصب لا يرى الاخر و لا يسمع له و لا يحترمه بل يقزمه و يحتقره ؛
و عندما ينموا المتعصب و يلتحم بالسلطة تنبت له الانياب و المخالب التي يتم توظيفها ـ غالبا ـ في اجراءات ظالمة ضد الاخر المخالف كمصادرة حقوقه و انتهاك حرماته و تشويه سمعته بل قد يصل الامر الى مصادرة حقه في الحياة ، و هذا ما يمكننا ان نعبره عنه بالتطرف المرتكز على السلطة و الذي بدوره يساهم في توليد حالة مضادة يمكننا تسميتها التطرف المضاد للسلطة ، و تكمن الاشكالية في التطرف المضاد للسلطة ان مدلوله قابل للتمدد الى تطرف ضد المجتمع فكل مواطن ليس معنا لا حرمة لدمه و هو ما يفسر بعض الاعمال الارهابية التي يتم تنفيذها في الاماكن العامة ضد المدنيين، الحصلة مغادرة الوسط لمصلحة الاطراف و شق المجتمع لمصلحة الافراد و تفتيت الوطن لمصلحة الاهواء  و هو أسوأ ما يمكن تخيله في هذا الصدد .
 السلم الاجتماعي و التلاحم الوطني نعمة و المحافظة عليها واجب و لا تكون بالخطب و المواعظ الموسمية فقط و انما بجملة امور تبدأ بالمناهج المدرسية الراشدة التي ترسخ القيم و تعترف بالتنوع ، و العدالة الاجتماعية الواعية التي تضمن التوزيع العادل للثروة  ، المواطنة الراسخة التي تضمن تساوي الفرص ، و لن يتم ذلك الا من خلال جملة قوانين و لوائح و اجراءات و انظمة عمل سليمة بالإضافة الى مؤشرات رصد قادرة على قياس حالة السلم و الرضى الاجتماعي .

 السلم الاجتماعي و تماسك المجتمع و وحدة الوطن مسؤولية وطنية و اجتماعية يجب على الجميع المساهمة في تعزيزها و المحافظة عليها .... يتبع 
هاشم العريمي 

الاثنين، 23 مارس 2015

بين الدنيا و الآخرة

ـ بين الدنيا و الآخرة  .
الانسان كائن معقد التركيب ... مبعثر الهموم ... متقلب المزاج ... متغير الاهتمامات ...، و مهما درج الإنسان في سلم العلم و التقنية ستظل هناك مساحات واسعة من عدم الإدراك الحقيقي لذاته الانسانية .
ان من الامتحانات و الابتلاءات العظيمة التي اخضع الله لها هذا الإنسان المسلم امتحان التجاذب الدائم بين متطلبات الدنيا و متطلبات الآخرة ، فهناك حالة دائمة من الجذب و الاستقطاب بين قطبي المعادلة ،  و بما أن المسلم في حاجة دائمة لتلبية احتياجات كل جانب و كذلك إيجاد حالة من التوازن و الانسجام فهو في اختبار مستمر متجدد ، و حالة الاتزان لا تعني التساوي او التوازي في إنفاق الوقت بين قطبي المعادلة ، و لكنها تعني العدل و الانصاف في اعطاء كل جانب ما يستحقه من الوقت و العمل ، و بما اننا لن نعيش الا مرة واحدة و بما ان موعد انقضاء رحلتنا على هذا الكوكب مجهولة بالنسبة لنا فلا بد من استثمار هذه الرحلة و التركيز على أهم قطبي المعادلة باعتباره أولوية ، و سوف اسعى خلال النقاط التالية تسليط الضوء على بعض المفاهيم حول هذه الثنائية من خلال التالي :
ـ أولا : الآخرة أولا :
إننا بالتركيز على الآخرة نكسب الدنيا و لا نخسر الآخرة ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  "مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ :
1ـ  جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ .
2ـ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ .
3ـ  وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ .
ـ وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ :
1ـ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ .
2ـ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ .
3ـ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ" اخرجه الترمذي و صححه الالباني .
في الحديث الشريف إشارة مهمة إلى أننا بالتركيز على الآخرة نكسب خير ما في الدنيا و الآخرة معا ، و بالتركيز على الدنيا فإننا نخسر خير ما في الآخرة قطعا و قد لا نكسب الدنيا كذلك ، فلا بد من تقرير حقيقة مهمة مفادها أن الآخرة غاية والدنيا وسيلة ، و يترتب على ذلك أهمية إعادة النظر في حركتنا اليومية ... في غدونا و رواحنا ... و حركتنا و سكوننا ... و في أي اتجاه نبذل أوقاتنا ... كما يترتب على ذلك أهمية النظر في نوايانا و مقاصدنا و مدى تلاؤم جميع ذلك مع متطلبات الآخرة قال تعالى ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ) الإسراء (19) .
ـ ثانيا : قوة التركيز على الآخرة لا يعني الانقطاع عن الدنيا بل يعني الخلود فيها !:
إن قوة التركيز على الآخرة لا يعني ـ كما قد يفهم البعض ـ الانعزال عن الدنيا و مشكلاتها و العكوف في دور العبادة ، كما انه لا يعني كذلك اتخاذ موقف سلبي من الحياة ، بل انه يعني فيما يعنيه تسخير الملكات و الطاقات و القدرات و الإمكانيات و الأوقات للتفاعل مع الحياة و القيام بما يصلحها و يصلحنا تحقيقا لقوله سبحانه و تعالى ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا و أحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين ) سورة القصص الآية ( 77) و مما تقدم يتضح ان قوة التركيز على الآخر يعنى أن تدور حياتنا الدنيوية في فلك أمور عظيمة مع نية خالصة و من أهم الامور التي ينبغي ان تدور حياتها في فلكها ما يلي :
1.   القيام بحق العبودية لله ، و ذلك بإقامة العبادات و الشعائر في أوقاتها و حسب مواصفاتها و مقاديرها المقررة شرعا .
2.   نصرة الدين و تمكينه و تحكيمه و نشر دعوته و تعاليمه في العالمين .
3.    القيام بحق المستضعفين في الأرض من النصرة و رفع الظلم و كبت المعتدين بالإضافة إلى تحريرهم من قهر العبودية المادية و العقدية والفكرية و تمكينهم من اختيار الدين الذي يرتضونه دون إكراه من احد قال تعالى :
(وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ  وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ  الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَاأَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ  الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ) سورة النساء ﴿٧٥﴾
4.   البناء و التعمير و القيام بكل ما من شأنه إحداث نوع من الصلاح و الإصلاح للأرض و من عليها و نبذ جميع أنواع و اشكال التخريب و الإفساد في الأرض كل الأرض ، قال تعالى (  وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَام * وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلفَسَادَ ) البقرة .
ـ و خلال عملنا للآخرة ينبغي ان لا ننسى اننا بشر نعيش على وجه الأرض امتثالا لقوله تعالى ( ولا تنس نصيبك من الدنيا )   أي لا يستغرقك العمل للآخرة فتنسى نفسك و أهلك و تحرمهم من حقوقهم الواجبة من المتع و المباهج المشروعة في الدنيا بسبب انشغالك بالآخرة ... !!!
 ثالثا : العمل في الدنيا لا العمل للدنيا :
ان المعاني المتعلقة بهذه المعادلة ان نركز في أعمالنا على الأرض لتحقيق مصلحة الآخرة و لا يكون عملنا للدنيا غاية في ذاته ، لأن الدنيا فانية و الآخرة باقية ، و لا يمكننا تحقيق هذه المعادلة إلا بأن يكون لنا في الدنيا عمل حقيقي رائد ، و بصمة حضارية راسخة و مميزة ، و مبادرة جادة لإدارة و توجيه دفة الحياة باتجاه الطهارة و الإيمان ، و القوة و الرحمة ، و الصفاء و النقاء ، و تحقيق مزيدا من الرفاهية مع العدل و المساواة للبشرية ، و لا بد أن يكون جميع ذلك قائم على أرضية صلبة من النية الخالصة و العقيدة الراسخة التي توجه سلوكنا و تضبط  انجازنا ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا و لا يشرك بعبادة ربه أحدها)  ، و من خلال حجم العمل الذي سنبذله و جودته و درجته و  أهميته و مقدار التضحيات لأجله و صدق النوايا فيه نشتري مواضعنا من الجنة و نتخير درجاتنا فيها قال تعالى ( وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين) الزمر(74) .
رابعا : المكان و الزمان و الادوار :
ان حركة الإنسان مقيدة بقيد المكان المتمثل في الأرض ، و مقيد بقيد الزمان المتمثل في العمر ، و بما ان الإنسان لا يختار مكان ولادته و نشأته الأولى ، كما انه لا يعرف مدة عمره و بقائه في الدنيا ، كما انه لا يختار الظروف و التحديات التي يجب عليه مواجهتها و حلها ، كل ذلك يجعلنا نفهم ان التركيز على الآخرة لكل واحد منا قد يقتضي منه القيام بدور أو الدخول في مغامرة مختلفة عن الآخر أحيانا مع الاتفاق على بعض الثوابت ... فمن توجده الظروف في بيئة تعاني من الجهل فقد يكون سعيه للآخرة يتم عبر بوابة التعليم و رفع الجهل ... و من كان في بيئة تعاني من الانقسام و الاختلاف فيمكنه ان يسعى للآخرة عبر بوابة التأليف و التقريب و تحقيق الوحدة ... و من كان في بيئة متخلفة خرافية فقد يسعى إلى الآخرة عن طريق تقويم الفكر و الارتقاء بالعقول ... و من كان في بيئة ظالمة تنتهك فيها الحرمات و تهضم الحقوق و يظلم الناس و تصادر حرياتهم فقد يكون سعيه إلى الآخرة عبرة بوابة الجهاد المادي أو المعنوي من خلال الإنكار الفعلي او القولي او القلبي  ، و هكذا مع الاتفاق في جميع الأحوال على ان يكون ذلك السعي لله و بالله ...فعندما سئل النبي صلى الله عليه و سلم : عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم : ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله )  و قياسا على ذلك نقول : من عاش لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ... ، كما ينبغي كذلك ان تكون روح الإخلاص حاضرة ...متوقدة ... تظلل تلك الأعمال و تحفظها من النفاق و الرياء و بهارج الدنيا.
ـ ان مضمون هذه الكلمة هو ترجيح العمل للآخرة و التركيز عليها على العمل للدنيا مع بيان مظاهر ذلك التركيز و كيفية تحويل نشاطاتنا اليومية الى عمل جاد للآخرة من خلال صدق النوايا دون ان ننسى نصيبنا من الدنيا  .

ـ إضاءة : ان الطموحات الكبيرة تحتاج لأعمال كبيرة ... و الأعمال الكبيرة تحتاج لعقول كبيرة ... والعقول الكبيرة تحتاج لنفوس كبيرة ... و النفوس الكبيرة تحتاج ليقين كبير و تركيز كبير و صبر كبير قال تعالى ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) (الروم: 60) . 
هاشم العريمي

قوة التركيز (2)

قوة التركيز (2)
(بين الفراشة و النحلة)
تمتاز الفراشة بألوانها الجميلة  ... و قوامها الرشيق ... و حركتها الكثيرة الغير مستقرة... انها لا تستقر في مكان حتى تنتقل الى مكان آخر ...
في الوقت الذي تمتاز به النحلة بحسها التنظيمي الراقي ... و حركتها النشطة الدؤوب و بحثها المستمر عن مكامن الرحيق .... انها لا تترك الزهرة حتى تستخلص منها ما تريد ... بخلاف الفراشة التي تترك الزهرة قبل ان تقر عليها ....
في هذه المقارنة بين الفراشة و النحلة يظهر لنا نمطان في السلوك و هما :
1ـ نمط الفراشة و الذي يجسد الشخص الأنيق المبالغ في الاهتمام بمظهره ، كثير الحركة و التنقل في رشاقة ، يشرع في أمور كثيرة و لا يتمها ، انه في حالة من عدم الاستقرار فهو ينتقل من مشروع إلى آخر و من فكرة إلى أخرى دون ان يعطي أي مشروع او فكرة حقها و مستحقها من الوقت و الاهتمام و التركيز ، انه لا يحسن التركيز و لا يطيقه فهو ملول بطبعة ، معجب بحركته ، مغرور برشاقته... و النتيجة كما يقول المثل العربي اسمع جعجعة و لا أرى طحنا .... أو كما قال احدهم تكلم كثيرا و لم يقل شيئا  !
2ـ أما النمط الثاني فهو نمط النحلة و الذي يجسد الشخص الناضج المتزن الجاد ، فهو في حالة من البحث و التحري عن أمور محددة يعرفها مسبقا و لديه الاستعداد لقطع المسافات الطوال و بذل الجهد اللازم بحثنا عن الرحيق المختوم ...! و متى ما وجد ما يريد بدأ في مشروعه و أعطاه من الوقت و الجهد ما يناسبه حتى يتمه ، ان النحلة لا تنتقل من الزهرة حتى تمتص رحيقها ثم تبذل جهدها في تفان و تركيز لتحول ذلك الرحيق إلى عسل خالص سائغ للشاربين ... .
ـ ما الذي يعنيه هذا الكلام ؟ يمكننا ان نجمل بعض معاني هذه الكلمة فيما يلي:
1.   من مظاهر التركيز الإنتاج المتميز فالشخص القادر على تركيز جهده على أمور محدده أقدر من غيره على تحقيق الانجازات الكبيرة .
2.   الشخص الذي لا يحسن التركيز يبذل في كثير من الأحيان جهود كبيرة و لكنها غير منسقة و غير مركزة فتكونن قليلة النفع و الجدوى كالمزارع الذي لا يبذل أي جهد في الاعتناء بأرضه فتنبت عليها الكثير من الحشائش و لا كنها في الغالب عشوائية و غير نافعة .
3.   علينا ان نستثمر أحلام اليقظة ، باليقظة تجاه ما نريد ، فالاستغراق في أحلام اليقظة دون استثمارها في ما نريد يعد نوعا من أنواع الغيبوبة !
4.   العالم متجدد و الأمل طويل و الرغبات لا حد لها ... و في المقابل العمر محدود و الطاقات محدودة و المعلومات تتقادم ... التركيز يعينك على استثمار افضل للوقت و العمر و المهارات و الطاقات .
هاشم العريمي 
 

 

قوة التركيز (1)

قوة التركيز (1)
نحن في أمس الحاجة إلى قوة التركيز ، إن الفضاء الالكتروني بجميع أنواعه يعج بالكثير من البرامج و الأفكار الهادفة الرافعة و التافهة الوضيعة، كما أن الساحة الإسلامية اليوم تعيش حالة من التجدد و التحول و الانعطافات الكبرى ، و كل ذلك يجعلنا في تحد متجدد حول أهمية التركيز و القدرة على ضبط البوصلة باتجاه الأهم و الأحسن و المحافظة عليها من التشتت و الإنحراف ، و من التجارب التي تعلمناها في فصول الدراسة قدرة العدسة على الإحراق متى ما تم تركيز ضوئها على الأجسام القابلة للاشتعال ، و بالتركيز تفتت قطرات الماء المتتابعة جلاميد الصخور ، و بالتركيز تتحول الأفكار المجردة إلى مشاريع عملاقة ، و بالتركيز تتحول الكلمات إلى عقيدة راسخة .
و قد كانت السيدة عائشة تصف المصطفى صلى الله عليه و سلم في قوة تركيزه بقولها ( كأنما رفع له علم فشمر له ) 
و بإعمال هذا القانون على الصعيد الشخصي يمكننا ان نقول ان لكل شخصية انسانية نقاط قوة و نقاط ضعف و واجبنا ان نعزز نقاط القوة و نتخلص من نقاط الضعف فلو ان كل واحد منا ركز بوصلته خلال إطار زمني معين لا يقل عن أربعين يوما مثلا على نقطة قوة جوهرية واحدة فقط و عمل على تعزيزها و نقطة ضعف جوهرية واحدة فقط و عمل على التخلص منها أو التقليل من أثرها  لأستطعنا تحقيق تقدم كبير على الصعيد الشخصي ، و من المهم  ان تكون النقطة جوهرية و ليست فرعية ، و سوف أسلط الضوء على اثر التركيز على الصعيد العام من خلال الفقرات التالية :
يقاس تقدم المجتمعات و خيريتها في نسبة إسهاماتها الطوعية في الشأن العام و عندما نتحدث عن الشأن العام فاننا بالضرورة نتحدث عن مكان معين و زمان معين و افراد و ثقافة و بيئة و هو ما يمكن ان نعبر عنه بالمجتمع ، و من الحقائق الثابتة ان نسبة القادة في المجتمعات الناهضة تتراوح بين 1% الى 3% فكيف الحال في المجتمعات النامية ؟ لذا فقانون التركيز يقودنا و نحن نتحدث عن التركيزفي الشأن العام الى الآتي:
1ـ الانسان اولا : في حركتنا المجتمعية لا بد من ايجاد نوع من التركيز على الانسان باعتبارة محور الكون و لب العملية الدعوية و الاصلاحية و التغييرية و النهضوية فلا يمكن ان نوجد مجتمع اقوى من مجموع افراده .
ـ كيف نجعل الانسان اولا ؟
 أـ ان نملأ عقله بالافكار الناهضة الرافعة النقية الطاهرة .
ب ـ أن نملأ نفسه بالثقة و السكينة و الصبر و العزة و ادراك الذات و الايمان بامكانية النهوض و الفعل و المشاركة ، قال تعالى ( و جعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا و كانوا باياتنا يوقنون ) .
ج ـ أن نملأ يده و وقته بالعمل النافع الرافع الهادف ، و نقدم الكيف على الكم فقليل دائم خير من كثير منقطع .
د ـ أن نملأ روحه بالايمان الصادق ، و اليقين الراسخ و ليكن شعارنا( قد أفلح من زكاها ) .
ـ كيف يمكننا ان نفعل ذلك ؟
التركيز على الانسان يتطلب منا ممارسة شيئا من التربية لذواتنا و لمن حولنا ، فأن تخرج انسان من دائرة اللافعل و اللا انتاج و اللاعمل و اللافكر و اللاايمان الى مؤمن مفكر عامل منتج هو صلب عملية البعث الحضاري للامة قال تعالى ( أومن كان ميتا فاحييناه و جعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ...) 
الاعمال الصغيرة و الكبيرة ، الحقيرة و العظيمة ، النافعة و الضارة ، فإنما هي من صنع البشر ، فكلما كان الانسان اقرب الى الفطرة ، أقرب الى الفعل و التفاعل ، و الامل و التفائل كلما كان اكثر انتاجا و كان انتاجه كذلك اقرب الى الخير الرفعة و المنفعة للناس .
هاشم العريمي 

بين الجسد و الروح (2)

بين الجسد و الروح (2)

ـ الروح جوهر الإنسان :

الروح جوهر الإنسان و حقيقته إنها النفخة العلوية التي تسري في كتلة اللحم و العظم فتبعث فيها الحياة ، و هي من أسرار الخلق و مظهر من مظاهر إعجاز الخالق سبحانه قال تعالى (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) الإسراء (85) ؛ لذا فالبناء الحقيقي للإنسان يبدأ بالبناء الروحي و سوف نسلط الضوء على بعض المعاني المرتبطة بالبناء الروحي:
1. العبادات القلبية في بؤرة التركيز : يجب أن نجعل العبادات القلبية في بؤرة تركيزنا لأنها باعثة و ممحصة و منقية ، فهي باعثة للنفس على طلب الخيرات ، و ممحصة لها من الأخلاط ، و منقية لعبادات الجوارح من الشوائب ، فعبادة الخوف و الرجاء ، و الشكر و المحبة ، و الإخلاص و التوكل ، و اليقين و الصدق ، و التواضع و الإخبات ، و مراقبة الله في السر و العلن … لها أثر كبير و عميق في بناء المؤمن السوي القوي النقي ، و قد يعتبرها البعض أحوالا و مقامات و نتائج لأمور سبقتها …، و لكن ما علينا إدراكه أن هذه العبادات مقدمات و لوازم أساسية لدخول الجنة فلن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر و لا يكتمل إيمان المرء حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفس و حتى يكون المصطفى صلى الله عليه و سلم أحب إليه من والده و ولده و الناس جميعا …كما قال صلى الله عليه و سلم ، لذا فالإتقان في عبادات القلوب من أسباب القبول كما أنه صمام أمان للأعمال من عقوبة الإحباط فعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء ، فيجعلها الله هباء منثورا . قال ثوبان : يا رسول الله صفهم لنا ، جلهم لنا ، أن لا نكون منهم و نحن لا نعلم ، قال : أما إنهم إخوانكم ، و من جلدتكم ، و يأخذون من الليل كما تأخذون و لكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ) رواه ابن ماجه و صححه الألباني.
2. بين القلب السليم و السقيم : الروح السليمة انعكاس للقلب السليم و بين القلب السليم و السقيم مسافة …. فهي مسافة قريبة في الدنيا بعيده في الآخرة فإصلاح القلب قرار يملكه الإنسان في دنياه … و لفساد القلب نتيجة يجنيها الإنسان في آخرته و بين القلب السليم و السقيم مسافة شاسعة في الآخرة لا يعرفها إلا الله ، فطهارة القلب و سلامته من العلل و الأمراض مطلب نفيس حرص عليه الصالحون فهذا إبراهيم عليه السلام يناجي ربه قائلا (ولا تخزني يوم يبعثون (87) يوم لا ينفع مال ولا بنون (88) إلا من أتى الله بقلب سليم (89)) سورة الشعراء ، لقد علم الصالحون أن القلب هو محل نظر الله عز و جل فاشتغلوا بصلاحه و إصلاحه فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ” إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ “.رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
3. معاصي القلوب تخنق الروح و تمحق الدين : انطلاقا مما تقدم وجب التنبيه على خطورة معاصي القلوب و ضرورة التخلص منها فهي اشد فتكا بالإنسان من الأسلحة الثقيلة ! فألد أعداء الإنسان نفسه التي بين جنبيه … فالحسد و الحقد و النفاق و الشح أمراض خطيرة تخنق الروح و تمحق الدين روى الترمذي عن الزبير أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ هِىَ الْحَالِقَةُ لاَ أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ … ) ، و قد قال الشاعر :
يا خادمَ الجسم كم تشقـى بِخدمته …… أتطلب الربح فيمـا فيـه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها …… فأنـت بالروح لا بالجسم إنسـان
إن علمية البناء الروحي في حقيقتها عبارة عن عملية بعث و إحياء للإنسان من غياهب الموت قال تعالى ( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون ) الأنعام (122) .
4. غذاء الروح قبل غذاء الجسد !: في معترك الحياة اليومي يحتاج الإنسان بشكل دائم إلى غذاء الروح ليحافظ على إتزانه في سيره إلى الله ، فالروح تجوع كما يجوع الجسد و لكل منهما غذاءه فغذاء الجسد في الطعام و الشراب و غذاء الروح في الإتصال بالله من خلال العبادات و الأذكار ، و كما أن الإهمال في غذاء الجسد يؤدي إلى الأسقام و تلف الأبدان و موت الإنسان ، فإن الإهمال في غذاء الروح يؤدي إلى سقم الروح و إضطرابها و موتها ، إلا أن موت الإنسان يعني فيما يعنيه تلف جسده و انتقال الروح من دار الدنيا إلى دار الآخرة ، أما موت الروح فيعني السير بخطى حثيثة إلى جهنم انه انتقال من أسر الجسد و أغلال الدنيا إلى ذل المعصية و أصفاد الحطمة.

هاشم العريمي 

بين الجسد و الروح (1)

 بين الجسد و الروح (1)
ـ بين الجسد و الروح :
شاءت إرادة الله أن لا نرى الروح و لكننا نرى تجلياتها في القلب الذي تعمره ...و العقل الذي تسكنه ... و اللسان الذي تنطق به ... إننا نرى الوعاء الذي يحوي تلك النفخة العلوية المقدسة...إننا نرى الجسد الذي ارتبط بالتراب أصلا و بالأرض وطنا و بالقبر مسكنا ، الجسد الذي نشأ حصيلة تفاعل عناصر من الطبيعة متمثلة في التراب و الماء فكانت طينا لازبا ،قال تعالى ( إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين) سورة ص(71) ، و قال المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله : (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ ...) رواه الترمذي (2955) وأبو داود (4693) وصححه الترمذي والألباني في "صحيح الترمذي" .
 لقد شاء الله  عز وجل أن يختص هذا الجسد الأرضي الطيني الضعيف بنفخة علوية طاهرة ترفعه و تسموا به إلى مصاف الملائكة الكرام حينا... ثم تسموا به أخرى حتى تسجد له الملائكة تكريما و تشريفا قال تعالى( إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين *) سورة ص (71،72) ، كما شاءت إرادته سبحانه أن تظل تلك النفخة العلوية حبيسة الجسد الطيني يهبط بها في أحيان كثيرة إلى أسفل سافلين ... قال تعالى في سورة التين (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم (4)  ثم رددناه أسفل سافلين (5)( ، و قال سبحانه عن قابلية النفس لتفاعلات الفجور و التقوى في سورة الشمس ( و نفس و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها) و النفس التي أقسم بها الباري سبحانه في الآيات الكريمة ... تأتي على عدة معاني من أبرزها الروح كما تأتي بمعنى ذات الإنسان كما ذهب إلى ذلك بعض علماء اللغة و التفسير و سنتناول مصطلح النفس باعتباره تعريف لذلك المزيج الذي يجمع بين الأرض بكل مكوناتها و جواذبها و حفرها و بين السماء بسموها و طهرها و نقائها و قداستها ، انه الإنسان ... ذلك المزيج  البديع الذي حير العلماء كما حير العقلاء  و سنقف بعض الوقفات حول ذلك المزيج بتفاعلاته و نتلمس مواطن التركيز في التعامل معه كجسد و روح من خلال الوقفات التالية  :
 ـ بين متطلبات الجسد و أشواق الروح:
من المهم بمكان أن نعترف بالاحتياجات الطبيعية للجسد و الروح و ما لتلك الاحتياجات من جاذبية تشبه في أحيان كثيرة الجاذبية الأرضية ،  فالإنسان في هذه الأرض يعيش حالة من الحراك الدائم حول متطلبات الجسد و متطلبات الروح ، و ما ينبغي الالتفات إليه أن التركيز في هذا المجال يعني فيما يعنيه المحافظة على قدر من الاتزان في تلبية متطلبات الروح و الجسد و الموازنة بين الأرض و السماء  ، و يمكننا تخيل ثلاث دوائر الأولى تشير إلى الروح و الأخرى تشير إلى الأرض و بينهما دائرة في الوسط تمثل المجال الحيوي الذي ينبغي أن نبذل كل ما في وسعنا للمحافظة على الديمومة فيه و لا حرج من انجذاب آني إلى احد القطبين فالتركيز يعني المحافظة على الكينونة في قطر الدائرة و ليس في نقطة معينة منها و هو ما يعني التمسك بالحد المقبول من الالتزام بمفردات الشريعة الإسلامية المتعلقة بحياة الأرواح و حياة الأبدان أو بتعمير الدنيا و العمل للآخرة .
و قد يظن البعض أن الاستغراق في الفضاء الروحي غاية في ذاته و لو كان على حساب الجسد و الأرض ، و هو ما ذهبت إليه بعض الديانات و كذلك بعض الفرق فركزت على الروحانيات و ما يتصل بها من عبادات و شعائر ، و أهملت جانب الجسد و الشعائر المرتبطة بالأرض كالعبادات الاجتماعية و الحضارية و الإنسانية من جهاد و تعمير واستخلاف . 
ان سيرة المصطفى صلى الله عليه و سلم تجسد النموذج الكامل للموائمة بين أشواق الروح و احتياجات البدن فعن أنس رضي الله عنه قال :جاء ثلاثة رهطٍ إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أ ُخبروا كأنهم تقالوها ، فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غــُفِرَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ؟؟ فقال أحدهم : أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر ،وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال :" أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، ولكني أصوم و أُفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغبَ عن سنتي فليس مني "رواه البخاري.
و لقد توهم بعض الصحابة الكرام أن المؤمن الحق مطالب بالتوهج و الإشراق الروحي المتصل و ظنوا ان  الاشتغال بالدنيا و تفاصيلها و تلبية متطلبات الجسد و ملذاتها و شهواتها المشروعة  ضربا من الجنوح عن الصراط السوي و لونا من ألوان النفاق و سنكتفي بمثالين في ذلك :
1ـ عن ‏حنظلة الأسيدي ‏قال : ( ‏لقيني ‏ ‏أبو بكر ‏ ‏فقال كيف أنت يا ‏ ‏حنظلة ‏ ‏قال قلت نافق ‏ ‏حنظلة ‏، ‏قال سبحان الله ما تقول قال قلت : نكون عند رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏عافسنا ‏ ‏الأزواج والأولاد ‏ ‏والضيعات ‏ ‏فنسينا كثيرا  ، قال  ‏أبو بكر ‏ ‏فوالله إنا ‏ ‏لنلقى مثل هذا فانطلقت أنا ‏ ‏وأبو بكر ‏ ‏حتى دخلنا على رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قلت نافق ‏ ‏حنظلة ‏ ‏يا رسول الله فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وما ذاك قلت يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عندك ‏ ‏عافسنا ‏ ‏الأزواج والأولاد ‏ ‏والضيعات ‏ ‏نسينا كثيرا فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏والذي نفسي بيده إن ‏ ‏لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا ‏‏حنظلة ‏‏ ساعة وساعة ثلاث مرات )رواه مسلم.
2ـ روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص ‏ ‏رضي الله عنهما ‏‏قال لي رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏:‏يا  ‏عبد الله ‏ ‏ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل فقلت بلى يا رسول الله قال فلا تفعل ‏‏صم وأفطر وقم ونم فإن لجسدك عليك حقا وإن لعينك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا وإن لزورك عليك حقا ....) ‏
هاشم بن ابراهيم العريمي