الفساد بين مكافحته ... و مكافئته (2)
ـ تاريخ ماليزيا في مكافحة الفساد :
1. تنبهت ماليزيا الى خطورة الفساد و أثرة على بنية الدولة و مواردها في وقت مبكر و بدأت بمعالجته و التصدي له من خلال تأسيس وحدة مكافحة الفساد و ذلك في عام 1959م و كانت هذه الوحدة تتبع جهاز الشرطة .2. في سنة 1967م تأسست هيئة خاصة لمكافحة الفساد تتبع مكتب رئيس الوزراء و كانت مهمتها وضع المعايير بالتعاون مع النائب العام .
3. في سنة 2008 م أصبحت الهيئة مؤسسة مستقلة غير تابعة لأي جهة تخضع للرقابة من قبل خمسة مجالس بعضها يتبع الحكومة و بعضها يتبع المعارضة و هذا يضمن قدر كبير من الشفافية و النزاهة .
4. في سنة 2006 م تم تأسيس أول أكاديمية في العالم متخصصة في مكافحة الفساد و في 2008 م تم تأسيس أكاديمية ثانية في جينيف .
ـ تتكون هيئة مكافحة الفساد من 13 قسم و يعمل بها ما يزيد على 2500 موظف ، بزيادة 150 موظف سنويا ، و هؤلاء الموظفون ينتشرون في جميع ولايات ماليزيا ، و كانت التعينات في السابق تتم عن طريق الخدمة المدنية الا ان الهيئة تعكف حاليا على اصدار قانون يخولهم بالتعين حسب القدرات و حسب مواصفات خاصة يتم وضعها من قبل الهيئة لتكون كفاءة الموظف متناسبة مع طبيعة عمله .
من ابرز اقسام الهيئة (الامن العام ، التحقيقات ، المهام الخاصة ، الأكاديمية و ـ و يسعون حاليا لفصلها عن جسم الهيئة لتكون مؤسسة مستقلة بذاتها ـ )
ـ مهام هيئة مكافحة الفساد :
تقوم الهيئة بالعديد من المهام و من ابرز المهام التي تقوم بها :1. اصدار التقارير الدورية حول الفساد و دراسة التقارير الصادرة من الوحدات الادارية للدولة و من المؤسسات المدنية .
2. القيام بالتحريات و التحقيقات اللازمة حول البلاغات و القضايا المتعلقة بالفساد .
3. فحص نظم و ممارسات و لوائح جميع مؤسسات الدولة و كشف الثغرات و التجاوزات.
4. تقديم النصائح لمؤسسات الدولة حول مكافحة الفساد .
5. تقديم المعلومات لمؤسسات الدولة حول الاختراقات و التجاوزات الحادثة .
6. تقديم النصح حول التغيرات التي تحدث في النظم و القوانين و كذلك التغيرات في المؤسسات لتلافي حالات الاختراق و الاستغلال.
7. التركيز على المؤسسات التي تكثر البلاغات حولها لتطوير أدائها و تقليل نسبة الفساد فيها و ذكر على سبيل المثال مؤسسة الهجرة .
ـ كيف نكافح الفساد ؟
من خلال هذا السؤال سنتناول اهم الفلسفات التي تبنتها ماليزيا في مكافحتها للفساد :1. مكافحة الفساد تبدأ من الأعلى إلى الأسفل و لا يمكن مكافحة الفساد دون وجود إرادة سياسية حقيقية جادة .
2. دور المجتمع و الدعم الشعبي الذي تتلقاه المؤسسة في مكافحة الفساد يعتبر حجر الزاوية في كبح جماح المفسدين و محاصرة الفساد ... ـ و لعلي أضيف الإعلام كمؤسسة مستقلة يمكنها ان تمارس دور فاعل في فضح الفساد و كشف رموزه ـ .
3. لا بد من تأسيس و ايجاد المؤسسات اللازمة لمكافحة الفساد بالاضافة الى تأهيل المؤسسات و الكوادر العاملة في مكافحة الفساد لرفع كفاءتهم نظرا لكون المفسد في حالة تجدد دائمة و يستخدم أحدث الحيل ليفلت من قبضة العدالة .
4. العمل على تقوية الشراكات مع المؤسسات المحلية و الإقليمية و الدولية العاملة في مجال مكافحة الفساد ، و قد تم عقد شراكات مع عدة دول منها السودان و اليمن .
5. نشر الوعي من الأسفل إلى الأعلى و ذلك من خلال المشاركة المجتمعية و الفعاليات العامة و كذلك من خلال وسائل الإعلام .
ـ و نتيجة لهذه الفلسفة في مكافحة الفساد سنورد أهم الممارسات التي انبثقت عنها :
• الاهتمام برصد درجة وعي المجمتع بمكافحة الفساد و دور هيئة مكافحة الفساد في ذلك و في احدى الدراسات التي تقوم بها الهيئة تبين ان 30% من الماليزين من اصول صينية لا يعرفون شيئا عن هيئة مكافحة الفساد ـ مع العلم بان الماليزين من اصول صينية هم اكثر الماليزين ممارسة للتجارة و يشكلون 25% تقريبا من نسبة السكان ،
• هناك شريحة غير قليلة من افراد المجتمع تمارس الفساد دون ان تعلم انه فساد مثل رجل الشرطة الذي يبتز الناس و يعتقد ان هذا من صلاحياته الوظيفية ، فكانت من مهام هيئة مكافحة الفساد نشر الوعي في المجتمع و الجامعات حول الفساد و مظاهره و تحديد الممارسات التي تعد نوعا من انواع الفساد بالاضافة الى التوعية بطرق مكافحته و التقليل منه و ذلك من خلال تأسيس جماعات طلابية في الجامعات و الكليات تعنى بالتعريف بالمؤسسة و نشر الوعي اللازمة بمكافحة الفساد حيث يتم تعريف الناس بالجهة التي ينبغي التواصل معها في حالات التبليغ عن الفساد و كذلك الضمانات التي يحصلون عليها .
• تم تطوير أداء المؤسسة القضائية بحيث تم إنشاء 14 محكمة متخصصة في نظر قضايا الفساد فقط ، و كانت قضايا الفساد تستغرق 3 الى 7 سنوات حتى يحكم فيها فتم إصدار قانون يلزم المحاكم بالبت في قضايا الفساد في أقل من سنة ... أصبحت قضايا الفساد تحكم في اقل من سنة بعد ان كانت تأخذ سبع سنوات .... يتبع
هاشم العريمي
(هذا المقال جزء من سلسلة مقالات حول التجربة الماليزية و هي عبارة عن توثيق للرحلة التي قام بها الكاتب الى ماليزيا ضمن برنامج تدريبي بعنوان التجربة الماليزية في الفترة من 16 - 21 / 4 / 2014 م ) ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق