الأحد، 29 مارس 2015

عودة السلطان و آفاق المستقبل (2)

عودة السلطان و آفاق المستقبل  (2)



( هذا المقال هو مقالي الثاني حول عودة السلطان و آفاق المستقبل و سوف أسلط الضوء على ملف الحريات العامة و المعالجات الضرورية   )

ـ ثالثا :  معالجة ملف الحريات العامة :

كل متابع للشأن العام يستطيع ملاحظة حجم التغيرات الهيكلية في منظومة الوعي لدى الانسان العربي عموما و العماني خصوصا سواء في مجال الحريات العامة و القضايا المتصلة بها أو غيرها من القضايا ، و هو ما يعني تغيرا جوهريا في الحاجات و التطلعات و بالتالي تغيرا في السلوك و الممارسات ؛ و من المطالب الملحة التي باتت تشكل تحديا  كبيرا للحكومات العربية المطالبة المستمرة بتوسيع دائرة الحريات بما يكفل حق المواطن في التعبير و التجمع و النقد ، و رغم ذلك فإن الحديث عن هذا الموضوع بات يدنينا أكثر من السياج الأمني فالحديث عن الحريات العامة لا يمكن تناوله دون التطرق للمنظومة الأمنية ، و هذا يعني اننا كلما اقتربنا من الحرية تنظيرا او ممارسة فإننا نقترب بدرجة من الدرجات من السياج الأمني ولوجا أو محاصرة ، و هو ما يتطلب من المعنين بالشأن العام الدفع لاجراء معالجات عاجلة تفك التلازم السلبي بين الحرية و الأمن ، فلا ينبغي ان نجعل من الحرية فزاعة نقايض بها أمن الشعب و استقراره فلا تلازم بينهما ، كما لا ينبغي ان يكون الخوف و الصمت صك النجاة الوحيد من المضايقات الأمنية.
 ان معالجة ملف الحريات العامة بات ضروريا في هذه المرحلة لما حدث و يحدث من متغيرات مفصلية في تاريخ الامة العربية و الاسلامية و هذا يتطلب من صانع القرار اتخاذ جملة قرارات و اجراءات تسهم في تحويل هذا الملف الى احد ركائز الاستقرار الوطني و الامن المحلي بدلا من تحوله الى قنبلة موقوته تؤذن بالانفجار ! و من جملة ما يمكن اقتراحه لمعالجة هذا الملف ما يلي :
·    توسيع دائرة الحوار و تشجيعه و ترسيخه كركيزة أساسية و مبدأ ثابت في معالجة القضايا الخلافية و وجهات النظر المتباينة .
·       رسم ملامح و فضاءات الحرية المنشودة : هناك عدة عوامل تساهم في رسم ملامح و فضاءات الحرية  المناسبة للمجتمع و من هذه العوامل الدين و الثقافة و البنية المعرفية و الجغرافيا ، فالحرية المطلقة ضرب من الخيال ، لذا فنحن في امس الحاجة الى التنظير و التأصيل لملامح للحرية المسؤولة التي ننشدها و تتناسب مع تطلعاتنا و تحفظ هويتنا كمجتمع عربي مسلم.


·     التثاقف المجتمعي : المنتديات الثقافية و مجالس القراءة أداة لا بد منها لرفع المستوى الثقافي العملي و تشجيع هذه المبادرات سيسهم بشكل ايجابي في ترسيخ مبدأ الحوار و التدرب على الاختلاف كما يمكن توظيفها للمساهمة في صياغة مفهوم الحرية المسؤولة من خلال الحوار و التثاقف المتبادل  .
·       معالجة ملف سجناء الرأي و معتقلي الكلمة : رغم حرص جلالة السلطان ـ حفظة الله ـ على ترسيخ الاستقرار و السلم الاجتماعي من خلال العفو السامي الذي أصدره فور عودته في حق ما يزيد على المئتي سجين، الا ان هذا القرار لم يتم توظيفه ـ من قبل المعنين ـ بما يدفع نحو المزيد من الاستقرار و السلم الاجتماعي ، فقد  كنا نتطلع ان يكون في طليعة من يشملهم العفو السامي معتقلي الرأي ، الا ان تطلعاتنا قد خابت عندما علمنا بأن العفو السامي شمل المدانين جنائيا بل انه بلغ المدانين في قضية خلية التجسس ـ التي تآمرت على الوطن و السلطان ـ و لكنه في الوقت ذاته ضاق ذرعا بمعتقلي الرأي من أمثال النائب البرلماني د. طالب المعمري المدان بسبب تظاهره السلمي ضد التلوث البيئي!!! .
·      تحجيم دور العصا الأمنية :
 يقول المثل الغربي : ( إذا كانت أداتك الوحيدة هي المطرقة فكل شيء أمامك سيبدو أنه مسمار) لا ينبغي ان تكون العصا الأمنية هي أداة الحكومة المفضلة في التعامل مع الناشطين فإذا كانت كذلك فسيبدو كل مختلف مخالف تجب محاسبته  و كل معترض معارض يجب تحجيمه  و كل منتقد ناقد يجب طرقه حتى يصمت .
العصا الأمنية أداة عمياء لا تميز بين التغريدة و اعادتها  (ريتويت ) فكلاهما مدان ، تحاسب على عدد الإعجابات (اللايكات ) الموضوعة في المكان الخطأ ـ حسب ظنها ـ ، و تحاسب على المواضيع التي شاركتها ، العصا الأمنية أداة عاجزة عن الاقناع  لكنها قادرة على تكميم بعض الأفواه كل الوقت او كل الافواه بعض الوقت ،و لكنها  تعجز قطعا عن تكميم كل الأفواه كل الوقت  .


·       تحرير المفاهيم و ضبطها : لا بد من تحرير بعض المفاهيم و ضبطها فكيف يمكن لتغريدة  او وقفة احتجاجية ان تمس هيبة البلد بينما لا تهتز تلك الهيبة لفضائح كبار المسؤولين التي أزكمت الأنوف ، نحن في أمس الحاجة لضبط و تحرير مفهوم هيبة الدولة و السلم العام  و نحو ذلك حتى لا تصبح هذه المفاهيم سيفا مسلطا على رقاب صغار المغردين او رداء مفصلا على مقاس الناشطين .
هاشم العريمي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق