الاثنين، 23 مارس 2015

قوة التركيز (2)

قوة التركيز (2)
(بين الفراشة و النحلة)
تمتاز الفراشة بألوانها الجميلة  ... و قوامها الرشيق ... و حركتها الكثيرة الغير مستقرة... انها لا تستقر في مكان حتى تنتقل الى مكان آخر ...
في الوقت الذي تمتاز به النحلة بحسها التنظيمي الراقي ... و حركتها النشطة الدؤوب و بحثها المستمر عن مكامن الرحيق .... انها لا تترك الزهرة حتى تستخلص منها ما تريد ... بخلاف الفراشة التي تترك الزهرة قبل ان تقر عليها ....
في هذه المقارنة بين الفراشة و النحلة يظهر لنا نمطان في السلوك و هما :
1ـ نمط الفراشة و الذي يجسد الشخص الأنيق المبالغ في الاهتمام بمظهره ، كثير الحركة و التنقل في رشاقة ، يشرع في أمور كثيرة و لا يتمها ، انه في حالة من عدم الاستقرار فهو ينتقل من مشروع إلى آخر و من فكرة إلى أخرى دون ان يعطي أي مشروع او فكرة حقها و مستحقها من الوقت و الاهتمام و التركيز ، انه لا يحسن التركيز و لا يطيقه فهو ملول بطبعة ، معجب بحركته ، مغرور برشاقته... و النتيجة كما يقول المثل العربي اسمع جعجعة و لا أرى طحنا .... أو كما قال احدهم تكلم كثيرا و لم يقل شيئا  !
2ـ أما النمط الثاني فهو نمط النحلة و الذي يجسد الشخص الناضج المتزن الجاد ، فهو في حالة من البحث و التحري عن أمور محددة يعرفها مسبقا و لديه الاستعداد لقطع المسافات الطوال و بذل الجهد اللازم بحثنا عن الرحيق المختوم ...! و متى ما وجد ما يريد بدأ في مشروعه و أعطاه من الوقت و الجهد ما يناسبه حتى يتمه ، ان النحلة لا تنتقل من الزهرة حتى تمتص رحيقها ثم تبذل جهدها في تفان و تركيز لتحول ذلك الرحيق إلى عسل خالص سائغ للشاربين ... .
ـ ما الذي يعنيه هذا الكلام ؟ يمكننا ان نجمل بعض معاني هذه الكلمة فيما يلي:
1.   من مظاهر التركيز الإنتاج المتميز فالشخص القادر على تركيز جهده على أمور محدده أقدر من غيره على تحقيق الانجازات الكبيرة .
2.   الشخص الذي لا يحسن التركيز يبذل في كثير من الأحيان جهود كبيرة و لكنها غير منسقة و غير مركزة فتكونن قليلة النفع و الجدوى كالمزارع الذي لا يبذل أي جهد في الاعتناء بأرضه فتنبت عليها الكثير من الحشائش و لا كنها في الغالب عشوائية و غير نافعة .
3.   علينا ان نستثمر أحلام اليقظة ، باليقظة تجاه ما نريد ، فالاستغراق في أحلام اليقظة دون استثمارها في ما نريد يعد نوعا من أنواع الغيبوبة !
4.   العالم متجدد و الأمل طويل و الرغبات لا حد لها ... و في المقابل العمر محدود و الطاقات محدودة و المعلومات تتقادم ... التركيز يعينك على استثمار افضل للوقت و العمر و المهارات و الطاقات .
هاشم العريمي 
 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق