قوة التركيز (1)
نحن في أمس الحاجة إلى قوة التركيز ،
إن الفضاء الالكتروني بجميع أنواعه يعج بالكثير من البرامج و الأفكار الهادفة الرافعة
و التافهة الوضيعة، كما أن الساحة الإسلامية اليوم تعيش حالة من التجدد و التحول و
الانعطافات الكبرى ، و كل ذلك يجعلنا في تحد متجدد حول أهمية التركيز و القدرة
على ضبط البوصلة باتجاه الأهم و الأحسن و المحافظة عليها من التشتت و الإنحراف ، و
من التجارب التي تعلمناها في فصول الدراسة قدرة العدسة على الإحراق متى ما تم
تركيز ضوئها على الأجسام القابلة للاشتعال ، و بالتركيز تفتت قطرات الماء المتتابعة
جلاميد الصخور ، و بالتركيز تتحول الأفكار المجردة إلى مشاريع عملاقة ، و بالتركيز
تتحول الكلمات إلى عقيدة راسخة .
و قد كانت السيدة عائشة تصف المصطفى
صلى الله عليه و سلم في قوة تركيزه بقولها ( كأنما رفع له علم فشمر له )
و بإعمال هذا القانون على الصعيد
الشخصي يمكننا ان نقول ان لكل شخصية انسانية نقاط قوة و نقاط ضعف و واجبنا ان نعزز
نقاط القوة و نتخلص من نقاط الضعف فلو ان كل واحد منا ركز بوصلته خلال إطار زمني
معين لا يقل عن أربعين يوما مثلا على نقطة قوة جوهرية واحدة فقط و عمل على تعزيزها و نقطة ضعف جوهرية واحدة فقط و عمل على التخلص
منها أو التقليل من أثرها لأستطعنا تحقيق تقدم كبير
على الصعيد الشخصي ، و من المهم ان تكون
النقطة جوهرية و ليست فرعية ، و سوف أسلط الضوء على
اثر التركيز على الصعيد العام من خلال الفقرات التالية :
يقاس
تقدم المجتمعات و خيريتها في نسبة إسهاماتها الطوعية في الشأن العام و عندما نتحدث
عن الشأن العام فاننا بالضرورة نتحدث عن مكان معين و زمان معين و افراد و ثقافة و بيئة و
هو ما يمكن ان نعبر عنه بالمجتمع ، و من الحقائق الثابتة ان نسبة القادة في
المجتمعات الناهضة تتراوح بين 1% الى 3% فكيف الحال في المجتمعات النامية ؟ لذا
فقانون التركيز يقودنا و نحن نتحدث عن التركيزفي الشأن العام الى الآتي:
1ـ الانسان اولا : في حركتنا المجتمعية لا بد من ايجاد نوع من التركيز على الانسان
باعتبارة محور الكون و لب العملية الدعوية و الاصلاحية و التغييرية و النهضوية فلا
يمكن ان نوجد مجتمع اقوى من مجموع افراده .
ـ كيف
نجعل الانسان اولا ؟
أـ ان نملأ عقله بالافكار الناهضة الرافعة النقية
الطاهرة .
ب ـ أن
نملأ نفسه بالثقة و السكينة و الصبر و العزة و ادراك الذات و الايمان بامكانية
النهوض و الفعل و المشاركة ، قال تعالى ( و جعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما
صبروا و كانوا باياتنا يوقنون
) .
ج ـ أن
نملأ يده و وقته بالعمل النافع الرافع الهادف ، و نقدم الكيف على الكم فقليل دائم
خير من كثير منقطع
.
د ـ أن
نملأ روحه بالايمان الصادق ، و اليقين الراسخ و ليكن شعارنا( قد أفلح من زكاها ) .
ـ كيف
يمكننا ان نفعل ذلك ؟
التركيز
على الانسان يتطلب منا ممارسة شيئا من التربية لذواتنا و لمن حولنا ، فأن تخرج
انسان من دائرة اللافعل و اللا انتاج و اللاعمل و اللافكر و اللاايمان الى مؤمن
مفكر عامل منتج هو صلب عملية البعث الحضاري للامة قال تعالى ( أومن كان ميتا
فاحييناه و جعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ...)
الاعمال
الصغيرة و الكبيرة ، الحقيرة و العظيمة ، النافعة و الضارة ، فإنما هي من صنع
البشر ، فكلما كان الانسان اقرب الى الفطرة ، أقرب الى الفعل و التفاعل ، و الامل
و التفائل كلما كان اكثر انتاجا و كان انتاجه كذلك اقرب الى الخير الرفعة و المنفعة
للناس .
هاشم العريمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق