الفساد بين مكافحته ... و مكافئته (1)
ـ مقدمة :
هناك من يكافح الفساد و هناك من يكافئه ، كثير من الأعراف و التشريعات في عالمنا العربي و الإسلامي تكافئ الفساد و لا تكافحه و ترضعه و لا تفطمه .الفساد هو الابن الشرعي للفوضى و الاستبداد و البيروقراطية ، فخلف كل فوضى أو استبداد او بيروقراطية فسادا يولد ، ينمو ، يترعرع ، فالفساد نبتة اجتماعية خبيثة تتغذى على الممارسة السياسية الجائرة و السلوك الاجتماعي المنحرف و المنظومة التربوية الماجنة .
ان الحكومة التي تسكت عن الفساد تعد شريكة فيه ، كما ان المجتمع الذي يسكت عن الفساد يعد جزءا منه.
إن خطورة الفساد لا تكمن في ما يسببه من هدر للمال العام أو إضرار بالمجتمع بتمكين الفاشلين و تأمين الخائنين ، و لكنها تكمن كذلك في قدرته على التمدد و قابليته للنمو و التحصن و إيجاد حلفاء و شركاء و حراس و كهنة يسوغونه و يروجونه و يشرعنونه و يذودون عنه ، و في بعض الحالات يسبحون بحمده اناء الليل و اطراف النهار ليصبح الفساد هو الحق و ما عداه باطل ، و هو الصواب و ما عداه الضلال فتتم مكافئته بدلا من مكافحته و مهادنة أركانه بدلا من هد بنيانه ! فبعد ان غرقت مصر في أتون الفساد أصبح هامان أمينا و هارون خائنا ، كما أصبح فرعون مصلحا و موسى مفسدا ! و قد خلد القرآن هذه الحالة في قوله تعالى (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) غافر .... ! انه منطق ( أخرجوهم من قريتكم انهم اناس يتطهرون ) فالطهارة جريمة تستلزم الطرد و النجاسة كياسة و فطنة تستلزم التمكين !!!
إن خطورة الفساد لا تكمن في ما يسببه من هدر للمال العام أو إضرار بالمجتمع بتمكين الفاشلين و تأمين الخائنين ، و لكنها تكمن كذلك في قدرته على التمدد و قابليته للنمو و التحصن و إيجاد حلفاء و شركاء و حراس و كهنة يسوغونه و يروجونه و يشرعنونه و يذودون عنه ، و في بعض الحالات يسبحون بحمده اناء الليل و اطراف النهار ليصبح الفساد هو الحق و ما عداه باطل ، و هو الصواب و ما عداه الضلال فتتم مكافئته بدلا من مكافحته و مهادنة أركانه بدلا من هد بنيانه ! فبعد ان غرقت مصر في أتون الفساد أصبح هامان أمينا و هارون خائنا ، كما أصبح فرعون مصلحا و موسى مفسدا ! و قد خلد القرآن هذه الحالة في قوله تعالى (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) غافر .... ! انه منطق ( أخرجوهم من قريتكم انهم اناس يتطهرون ) فالطهارة جريمة تستلزم الطرد و النجاسة كياسة و فطنة تستلزم التمكين !!!
ـ الطريق إلى هيئة مكافحة الفساد الماليزية :
ـ الساعة الثامنة من صباح الجمعة 18/4/2014 السماء ملبدة بالغيوم ، وجبة الإفطار المعتادة تنتظرنا في قاعة الطعام ، أقراص البيض الدائرية ذات العين الواحدة الزبدة و أخوتها شرائح الخبر مع الشاي غريب الطعم !الحافلة تنتظر و المنظمون في حركة نشطة لإتمام التجهيزات و استعجال المشاركين للانتهاء من الافطار و التوجه للحافلة ، كنا على موعد لزيارة هيئة مكافحة الفساد بغية التعرف على التجربة الماليزية في مكافحة الفساد ، تحركت الحافلة في طرقات متعرجة ترتفع حينا و تهبط حينا المناظر من حولنا جميلة و الاجواء رائعة و السحب لا تزال تظللنا تواجهنا الآن مجموعة من المباني المنسجمة ضمن سياج واحد، نعم انها المباني الخاصة بهيئة مكافحة الفساد ، كان في استقبالنا عند مدخل الهيئة ممثل أكاديمية مكافحة الفساد بلباسه الماليزي الرسمي ذي اللون الاصفر المائل الى الخضرة و تعتلي رأسه قبعه دائرية لطيفة ، قسماته جادة و تعامله رسمي يتسق مع طبيعة المؤسسة التي يعمل فيها ، التقطنا بعض الصور الجماعية عند مدخل الهيئة حسب رغبته ثم توجهنا الى قاعة الاجتماعات ، بالقرب من القاعة استقبلنا ممثل هيئة مكافحة الفساد شاب في منتصف العقد الثالث من عمره ماليزي من أصل هندي ذو ملامح جادة و صارمة قليل الابتسامة انه السيد موهن محدثنا في هذا اللقاء ... القاعة جميلة ذات إطلالة رائعة على غابة كثيفة الأشجار متشابكة الأغصان ... بعد ان استقر بنا المجلس بدأ السيد موهن الذي تبدوا عليه سمات الدقة و الانضباط و الجدية حديثه بتحديد مضامين اللقاء في ثلاثة فقرات رئيسة و هي تعريف بالهيئة ثم عرض فيديوا ثم القيام بجولة في الهيئة و سوف أتناول في المقالات القادمة ملخص لمحاضرة السيد موهن بالاضافة الى ابرز ما تم في هذه الزيارة ... يتبع
هاشم العريمي
(هذا المقال جزء من سلسلة مقالات حول التجربة الماليزية و هي عبارة عن توثيق للرحلة التي قام بها الكاتب الى ماليزيا ضمن برنامج تدريبي بعنوان التجربة الماليزية في الفترة من 16 - 21 / 4 / 2014م )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق